خطبة عن القنـاعة


خطبة عن القنـاعة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادى له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
 له المُلك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ،يقول سبحانه وتعالى
{وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} (البقرة: 197)
هـي القنـاعة لا تـرضى بهــا بـدلا
فيهــا النعيـم وفيهــا راحـة البـدنِ
وانظـر لمـن ملــك الدنيـا بأجمـعـها
هـل راح منها بغيــر القطـن والكفـنِ
 (البخاري)
وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وعظيمنا
 محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  الذي قال
 (من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافًى في جسده،
عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا)
(الترمذي وابن ماجه)
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
 (الأحزاب56)
بلغ العلا بكماله كشف الدجى بجماله عظمت جميع خصاله
صلوا عليه وآله
اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصل عليه في الآخرين
وصل عليه في كل وقت وحين صل اللهم وسلم وبارك عليه
وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين
 وارحم اللهم مشايخنا وعلمائنا ووالدينا وأمواتنا وأموات المسلمين أجمعين

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
()آل عمران102
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70)
 يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
(الأحزاب 71)
وبعد:ـ أيها الأخوة الأعزاء
عن أبي العَبَّاسِ سَهْلِ بن سعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي اللهُ عنه قال:
 جاء رَجُلٌ إلى النَّبِّي صلى الله عليه وسلم فقال:
 يا رسوَل اللهِ، دُلَّني على عَمَلٍ إذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّني اللهُ وأَحَبَّني النَّاسُ. فقال:
(ازْهَدْ في الدُّنيا يُحِبَّكَ اللهُ، وازْهَدْ فيما عِنْدَ النَّاس يُحِبَّكَ النَّاسُ).
 حديث حسن رواه ابن ماجه
وقال الله صلى الله عليه وسلم:
(اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول،
 وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعففْ يعِفَّهُ الله،
 ومن يستغنِ يغْنِهِ الله)
(متفق عليه)
ومن هنا تكون
القناعة طريق إلى الجنة: فالرسول صلى الله عليه وسلم بين لنا
 أن المسلم القانع الذي لا يسأل الناس ثوابُه الجنة، فقال:
 (من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئًا وأتكفل له بالجنة؟)،
 فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحدًا شيئًا
(أبو داود والترمذي وأحمد)
رأيت القناعة رأس الغنى         فصرتُ بأذيالها مُمتسكْ
فلا ذا يـراني على بابه            ولا ذا يراني به منهمكْ
فصرتُ غنيًّا بلا درهم            أمرٌ على الناس شبه الملكْ
القناعة عزة للنفس: القناعة تجعل صاحبها حرًّا؛ فلا يتسلط عليه الآخرون،
أما الطمع فهو بعد عن الله فيجعل صاحبه عبدًا للآخرين.
عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له :
( اتق المحارم تكن أعبد الناس وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس
وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما
ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب)
(في صحيح الجامع)
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث منجيات وثلاث مهلكات فأما المنجيات فتقوى الله في السر والعلانية والقول بالحق في الرضى والسخط والقصد في الغنى والفقر . وأما المهلكات فهوى متبع وشح مطاع واعجاب المرء بنفسه وهي أشدهن . روى البيهقي
الطمع يجعل الإنسان لا يفرق بين الحلال والحرام
الطمع هو حب الدنيا وحب الدنيا يجعل الإنسان يقع في الحرام ولا يبالي
لقد أصبح الناس يحتالون على الحرام كي يحللوه حسب أهوائهم
فعن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
(إن الحلال بين و الحرام بين , وبينهما مشتبهات قد لا يعلمهن كثير من الناس ,
فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه , ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ,
 كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه , ألا وأن لكل ملك حمى ,
ألا وإن حمى الله محارمه , ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ,
 وإذافسدت فسد الجسد كله , ألا وهي القلب
واه البخاري ومسلم)
عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به )
( حديث حسن صحيح ، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح )

وقال أحد الحكماء: من أراد أن يعيش حرًّا أيام حياته؛ فلا يسكن قلبَه الطمعُ.
وقيل: عز من قنع، وذل من طمع. وقيل: العبيد ثلاثة: عبد رِقّ، وعبد شهوة، وعبد طمع.
ويعلمنا الحديث كيف ننال محبة الناس، وذلك بالزهد فيما في أيديهم،
لأنهم إذا تركنا لهم ما أحبوه أحبونا، وقلوب أكثرهم مجبولة مطبوعة على حب الدنيا،
ومن نازع إنساناً في محبوبه كرهه ومن لم يعارضه فيه أحبه واصطفاه.
(لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ )
()الحجر : 88
قال الأعرابي لأهل البصرة: من سيدكم ؟ قالوا: الحسن. قال: بما سادكم ؟
 قالوا: احتاج الناس إلى علمه واستغنى هو عن دنياهم. فقال: ما أحسنَ هذا .
ومن عجيب ما يروى في ذلك ما جاء في الإحياء من
أن الخليل بن أحمد الفراهيدي رفض أن يكون مؤدبًا لابن والي الأهواز،
 ثم أخرج لرسوله خبزًا يابسًا وقال:
ما دمتُ أجدُ هذا فلا حاجة إلى سليمان - الوالي -". ثم أنشد:
أبْلِغْ سليمانَ أني عنه في سَـعَةٍ          وفي غنىً غير أني لستُ ذا مالِ
شُحًّا بنفسيَ أني لا أرى أحــدًا          يموتُ هزلاً ولا يبقى على حالِ
والفقر في النفس لا في المال نعرفه     ومثلُ ذاك الغنى في النفس لا المال
إن العبد لن يبلغ درجة الشاكرين إلاَّ إذا قنع بما رزق،
 وقد دل على هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه:
(يا أبا هريرة! كن ورعًا تكن أعبد الناس، وكن قنعًا تكن أشكر الناس،
وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنًا.."الحديث.
والقناعة تجعل المؤمن يذكر نعمة الله في كل حال
(لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ
 وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ)
()
إن العبد القانع عفيف النفس لا يريق ماء وجهه طلبًا لحطام دنيا عمَّا قليل تفنى،
الزخرف : 13
 وهؤلاء الذين مدحهم الله بقوله:
 (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الاَرْضِ
 يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً
 وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)
()البقرة:273
(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)()النور31

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العلمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً
صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله
أما بعد
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
قصدت باب الرجا والناس قد رقدوا   وبت أشكوا إلى مولاي ما أجدو
    وقلت يا أملي في كل نائبة        يا من عليه لكشف الضر اعتمد
اشكوا إليك أمورا أنت تعلمها        مالي على حملها صبرا ولاجلد
        فلا تردنها يارب خائبة          فبحر جودك يروي كل من يرد
( لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا  ولا تباغضوا ،ولا تدابروا  ،
  ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ،
المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره .
 التقوى ههنا _ ويشير إلى صدره ثلاث مرات _
بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم .
 كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه )
( رواه مسلم )
اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحييني ما كانت الحياة خيرا لي
 وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة
وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضى وأسألك القصد في الغنى والفقر
 وأسألك نعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع وأسألك الرضى بعد القضاء
وأسألك برد العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم
والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة
اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين "  
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا
وأكرم نزلنا ووسع مدخلنا واغسلنا من خطايانا
بالماء والثلج والبرد
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين
وارفع بفضلك رايتي الحق والدين
وصل اللهم على سيدنا ونبينا وحبيبنا
محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وأقم الصلاة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تكريمه صلى الله عليه وسلم

الدعاء للطفل

خذي منى العفو تستديمي مودتي