عفوا النبي صلى الله عليه وسلم
عفوا النبي صلى الله عليه وسلم
إن الحمد لله
نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا من سيئات
أعمالنا إنه من يهده الله
فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له
وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده
لاشريك له ، له المُلك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ( اللهم لا
مانع لما أعطيت ، ولا معطى لما منعت ، ولا ينفع ذا الجدِّ منكَ
الجدُّ ) (البخاري)
يقول الله تعالى : ( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا
السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي
السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ
وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )
(
آل عمران (134 ) .
يَـا مَـنْ ألــوذُ بـه فيمَــا أؤمِّلُـه وَمَـنْ أعــوذُ بـه ممـا
أحَــاذرُه
لا يَجْبـر النـاس عَظمًـا أنت كـاسرُه ولا يَهِيضُـون عَظمًـا أنـت
جَـابِره
وأشهد أن
سيدنا ونبينا وحبيبنا وعظيمنا محمدا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
(عن أبي هريرة
رضي الله تعالى عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال)(لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب) (رواه
البخاري)
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب56)
بلغ العلا بكماله
كشف الدجى بجماله عظمت جميع خصاله صلوا عليه وآله
اللهم صل على
سيدنا محمد في الأولين وصل عليه في الآخرين وصل عليه في كل وقت وحين
صل اللهم وسلم وبارك عليه وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين
وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وارحم اللهم مشايخنا وعلمائنا ووالدينا وأمواتنا
وأموات المسلمين أجمعين
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ
)
()آل عمران102
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
قَوْلاً سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً
عَظِيماً)
(الأحزاب
71)
وبعد:ـ أيها الأخوة الأعزاء
قال رب العزة
تبارك وتعالى
(وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ
فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
)
( الشورى :
40)
وقال سبحانه
(إن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن
سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) (النساء :
149)
العفو وجزاؤه عند الله
وقوله عز وجل:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ
وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا
وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التغابن :
14)
قال عطاء بن يسار: نزلت في عوف بن مالك الأشجعي: كان ذا أهل وولد، وكان إذا
أراد الغزو بكوا إليه ورققوه، وقالوا: إلى من تدعنا؟ فيرق لهم ويقيم، فأنزل الله:
"إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم" بحملهم إياكم على ترك الطاعة، فاحذروهم أن
تقبلوا منهم.
"وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا"، فلا تعاقبوهم على خلافهم إياكم فإن الله غفور
رحيم.
وَمَا زَادَ اللّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا
وعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قال الله تعالى : عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ ، وَمَا
زَادَ اللّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا ، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلّهِ
إِلاَّ رَفَعَهُ اللّهُ )( أخرجه مسلم )
صفة الني صلى
الله عليه وسلم في
التوراة
أيها الإخوة
الأعزاء تعالوا بنا لنرى عفوا النبي صلى الله
عليه وسلم
(عن عطاء رضي الله عنه قال: قلت لعبد الله بن عمرو أخبرني عن
صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل والله إنه لموصوف في
التوراة بصفته في القرآن يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً
وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لا فظ
ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه
الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا
عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا )( رواه البخاري)
وعن أنس رضي الله
عنه قال( كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس
خلقًا)
(رواه
الشيخان)
(قالت عائشة لما
سئلت رضي الله عنها عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام ، قالت :
( كان خلقه القرآن) (صحيح مسلم)
ترك
الأعرابي يبول في المسجد ولم يقطع بولته
عن أنس بن مالك ـ
رضي الله عنه ـ قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء
أعرابي ، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَه مَه،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تزرموه،
دعوه) ، فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له:
(إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ، ولا القذر،
إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن) قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء
بدلو من ماء فشنّه عليه.
( رواه
مسلم)
عفوه عن اليهودية التي وضعت له السم في شاة
ووضعت
امرأة يهودية السم في شاة مشوية، وجاءت بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقدمتها
له هو وأصحابه على سبيل الهدية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرد الهدية، لكن
الله -سبحانه- عصم نبيه وحماه، فأخبره بالحقيقة.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإحضار هذه اليهودية، وسألها: (لم فعلتِ ذلك؟ فقالت: أردتُ قتلك. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كان الله ليسلطكِ علي)
وعفا
عنها
ولكن قتلت بموت الصحابي الذي مات من السم
عفو الرسول صلى الله عليه وسلم حينما ذهب إلى
الطائف
ويتجلى
عفو الرسول صلى الله عليه وسلم حينما ذهب إلى الطائف ليدعو أهلها إلى الإسلام، ولكن
أهلها رفضوا دعوته، وسلَّطوا عليه صبيانهم وعبيدهم وسفهاءهم يؤذونه صلى الله عليه
وسلم هو ورفيقه زيد بن حارثة، ويقذفونهما بالحجارة حتى سال الدم من قدم النبي صلى
الله عليه وسلم.
فنزل جبريل -عليه السلام- ومعه ملك الجبال، واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في هدم الجبال على هؤلاء المشركين، لكن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنهم، وقال لملك الجبال: (لا بل أرجو أن يُخْرِجُ الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيئًا) (متفق عليه)
(اذهبوا فأنتم الطلقاء يوم مكة)
وعندما دخل
النبي صلى الله عليه وسلم مكة منتصرًا، جلس صلى الله عليه وسلم في المسجد،
والمشركون ينظرون إليه، وقلوبهم مرتجفة خشية أن ينتقم منهم، أو يأخذ بالثأر قصاصًا
عما صنعوا به وبأصحابه. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:
(يا معشر قريش، ما تظنون أني فاعل بكم؟).
قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم.. قال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) (سيرة ابن هشام)
جئتكم من عند خير الناس
وعن جابر بن عبد الله صلى الله عليه وسلم –غورث الإعرابي قائم على رأسه ..
والسيف مسلط في يده .. قائلاً : من يمنعك منى ؟ .. فقال- صلى الله عليه وسلم
:
( الله ) .. فسقط السيف من يد غورث .. فأخذه – صلى الله عليه وسلم - .. وقال
: من يمنعك منى الآن ؟ .. قال غورث : كن خير آخذ .. فتركه وعفا عنه .. فعاد إلى
قومه يقول لهم : جئتكم من عند خير الناس
(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)()النور31
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العلمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمد عبده ورسوله
أما
بعد
قال الله تبارك تعالى : ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ
الْجَاهِلِينَ
)
(
الأعراف199 )
وقال تعالى : ( وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ
إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ
بَصِيرٌ )(البقرة : 237)
وأعرض عمن ظلمك
عن عقبة بن عامر،
رضي الله عنه، قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأته، فأخذت بيده، فقلت:
يا رسول الله، أخبرني بفواضل الأعمال. فقال:
(يا عقبة، صل من قطعك، وأعط من حرمك وأعرض عمن
ظلمك،)
( رواه الإمام أحمد)
خُذْ
الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ
قَالَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ
حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ وَكَانَ
مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ
مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ
عُيَيْنَةُ لابْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا
الأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ فَلَمَّا
دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا
الْجَزْلَ وَلا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أن
يوقع بِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ
تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ الْعَفْوَ
وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ وَإِنَّ هَذَا مِنْ
الْجَاهِلِينَ وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ
وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ .
( صحيح البخاري)
خُــذ العفــو وأمـر بعُـرفٍ كَمَـا أُمِــرتَ وأعْـرض عـن
الجَـاهلينْ
وَلِــنْ فــي الكَـلام لكُـلِّ الأنـام فَمُسْتَحْسَــن مـن ذَوِي
الجـاه ليـن
يخاطبني السفيهُ بكلّ قبح وأكرهُ أن أكونَ له مُجيبا
يزيدُ سفاهةً وأزيد حلماً كعود زاده الإحراقُ طيبا
(وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)
وطلب
زين العابدين بن الحسن بن علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم
من خادمة له أن تحضر له الماء ليتوضأ، فجائت الخادمة
بماء، وكان الماء ساخنًا جدًّا، فوقع من يدها على زين العابدين بن الحسن بن علي، فقال له الرجل وهو غاضب:
أحرقتني، وأراد أن يعاقبها، فقالت: يا مُعَلِّم الخير ومؤدب الناس، ارجع إلى ما قال
الله -تعالى-. قال الرجل:
وماذا
قال تعالى؟!
قالت: لقد قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ )
قال الرجل:
كظمتُ غيظي.
قالت: (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) قال الرجل: عفوتُ عنك. قالت: (وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران : 134)
قال زين العابدين بن الحسن بن علي: أنت
حُرٌّه لوجه الله.
وكان (الأحنف) كثير العفو والحلم.. وكان يقول:
(ما آذاني أحد إلاّ أخذت في أمره بإحدى ثلاث: (إذا كان فوقي عرفتُ له فضله،
وإن كان مثلي تفضّلتُ عليه،
وإن كان دوني أكرمتُ نفسي عنه)
اللهم اجعلنا ممن المحسنين
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا
وأكرم نزلنا ووسع مدخلنا واغسلنا من خطايانا
بالماء والثلج والبرد
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين
وارفع بفضلك رايتي الحق والدين
وصل
اللهم على سيدنا محمد
وأقم الصلاة
|
تعليقات
إرسال تعليق