الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا من سيئات
أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له
وأشهد أن لا اله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على
كل شيء قدير
ما وهب الله لامرئ هبة أحسن من عقله ومن أدبه
هما
جمال الفتى فإن فقدا
ففقده للحياة أجمل به
وأشهد أن سيدنا
ونبينا وحبيبنا وعظيمنا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال ( اتـق الله حيثما كنت ،
وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخـلـق حـسـن ).
(رواه الترمذي)
أغر
عليه للنبوة خــاتم
من الله ميمون يلوح ويشهد
وضم
الإله اسم النبي إلى اسمه
إذ قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق
له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب56)
بلغ العلا بكماله
كشف الدجى بجماله عظمت جميع خصاله صلوا عليه وآله
اللهم صل على
سيدنا محمد في الأولين وصل عليه في الآخرين وصل عليه في كل وقت وحين صل اللهم وسلم
وبارك عليه وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم
الدين وارحم اللهم مشايخنا وعلمائنا ووالدينا وأمواتنا وأموات المسلمين
أجمعين
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )آل
عمران102
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
قَوْلاً سَدِيداً(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) الأحزاب
(71)
وبعد:ـ أيها
الأخوة الأعزاء
قال البغوي في
تفسير سورة الإسراء
(سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً) سبحان الله : تنزيه الله
تعالى من كل سوء ، ووصفه بالبراءة من كل نقص على طريق المبالغة ، ويكون ( سبحان ) بمعنى التعجب ، (أسرى بعبده ) أي : سيره ، وكذلك سرى به ، والعبد هو :
محمد صلى الله عليه وسلم .
( من المسجد الحرام ) ، قيل : كان الإسراء من مسجد مكة ،
روى قتادة عن أنس عن مالك ابن صعصعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر بين النائم واليقظان إذ
أتاني جبريل بالبراق)، فذكر حديث المعراج .
(إلى المسجد الأقصى ) ، يعني : بيت المقدس ، وسمي أقصى
لأنه أبعد المساجد التي تزار . وقيل : لبعده من المسجد الحرام .
( الذي باركنا حوله ) ، بالأنهار والأشجار والثمار .
وقال مجاهد : سماه مباركاً لأنه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة والوحي ، ومنه يحشر
الناس يوم القيامة .
( لنريه من آياتنا) ، من عجائب قدرتنا، وقد رأى هناك
الأنبياء والآيات الكبرى .
( إنه هو السميع البصير )، ذكر ( السميع ) لينبه على أنه المجيب لدعائه ، وذكر ( البصير ) لينبه على أنه الحافظ له في ظلمة الليل
.
قال البخاري :
قال أبو ذر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (
فرج عني سقف بيتي ، وأنا بمكة ، فنزل جبريل ففرج صدري ، ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء
بطست من ذهب ممتلئ حكمةً وإيماناً ، فأفرغه في صدري ، ثم
أطبقه).
.
وقال سعيد و هشام : ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ إيماناً وحكمةً ، ثم
أوتيت بالبراق ، وهو دابة أبيض طويل ، فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى
طرفه ، فركبته فانطلقت مع جبريل حتى أتيت بيت المقدس ، قال : فربطته بالحلقة التي
تربط بها الأنبياء ،قال : ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت ،فجاءني جبريل
بإناء من خمر وإناء من لبن ، فاخترت اللبن ، فقال جبريل : اخترت الفطرة ، فانطلق بي
جبريل حتى أتى السماء الدنيا ، فإذا رجل قاعد عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة ، إذا
نظر قبل يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكى ، فقال : مرحباً بالنبي الصالح ،
والابن الصالح . قلت لجبريل : من هذا ؟ قال : هذا آدم وهذه الأسودة التي عن يمينه
وشماله نسم بنيه ، فأهل اليمين منهم أهل الجنة ، والأسودة التي عن شماله أهل النار،
فإذا نظر عن يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكى
.
ثم
صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك
؟ قال : محمد ،قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به فنعم المجيء جاء
، ففتح ، فلما خلصت ، إذا بيحيى وعيسى ، عليهما السلام ، وهما ابنا خالة ،قال : هذا
يحيى وعيسى ، فسلم عليهما، فسلمت فردا ، ثم قالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبي
الصالح .
ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قال :
ومن معك ؟ قال محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به فنعم
المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت ، فإذا يوسف ، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن ، قال :
هذا يوسف فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد علي ، ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح ،والنبي
الصالح .
ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ،
قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به
فنعم المجيء جاء ، ففتح ، فلما خلصت فإذا إدريس ، قال هذا إدريس فسلم عليه ، فسلمت
عليه ،فرد ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبي والصالح
.
ثم صعد بي حتى
أتى السماء الخامسة فاستفتح قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال :
محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به ، فنعم المجيء جاء ،
فلما خلصت فإذا هارون ، قال : هذا هارون فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ثم قال :
مرحباً بالأخ الصالح ،والنبي الصالح .
ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل
: ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل: مرحباً به ، فنعم
المجيء جاء ، فلما خلصت فإذا موسى ، قال : هذا موسى فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ثم
قال : مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح ، فلما جاوزت بكى قيل له : ما يبكيك ؟ قال
: أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من
أمتي .
ثم
صعد بي إلى السماء السابعة ،فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا ؟ قال جبريل ، قيل : ومن
معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل: مرحباً به فنعم المجيء
جاء ، فلما خلصت فإذا إبراهيم ، قال : هذا أبوك إبراهيم ، فسلم عليه ، فسلمت عليه
فرد السلام ، ثم قال : مرحباً بالنبي الصالح ، والابن الصالح ، فرفع لي البيت
المعمور ، فسألت جبريل ؟ فقال: هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك
،إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم
.
وقال ثابت عن أنس
: فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور ، إذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف
ملك لا يعودون إليه ،ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا
ورقها مثل آذان الفيلة ، قال : فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت ، فما أحد من
خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها ، في أصلها أربعة أنهار : نهران باطنان ،
ونهران ظاهران ، فقلت : ما هذان يا جبريل ؟ فقال : أما الباطنان ، فنهران في الجنة
، وأما الظاهرات فالنيل والفرات .
وأوحى إلي ما
أوحى ، ففرض علي خمسين صلاةً في كل يوم وليلة ، فنزلت إلى موسى ،فقال: ما فرض ربك
على أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك لا
تطيق ذلك ، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم ، قال : فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب
خفف على أمتي ، فحط عني خمساً ، فرجعت إلى موسى فقلت : حط عني خمسة ، قال : إن أمتك
لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف .
قال
: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال : يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة
،لكل صلاة عشر ، هي خمس وهي خمسون ، لا يبدل القول لدي ،ومن هم بحسنة فلم يعملها
كتبت له حسنة ، فإن علمها كتبت له عشراً ، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئاً ،
فإن عملها كتبت سيئة واحدة
.
قال : فنزلت حتى
انتهيت إلى موسى فأخبرته ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك
.
فقلت : سألت ربي
حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم ،قال : فلما جاوزت نادى مناد : أمضيت فريضتي وخففت عن
عبادي ، ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك
.
قال ابن شهاب :
فأخبرني ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبة الأنصاري ، كانا يقولان : قال النبي صلى الله
عليه وسلم : " ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوىً فيه صريف الأقلام " .
قال ابن حزم و
أنس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ففرض الله على أمتي خمسين صلاة "
.
وروى معمر عن
قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم :" أتي بالبراق ليلة أسرى به ملجماً
مسرجاً ، فاستصعب عليه ، فقال جبريل : أبمحمد تفعل هذا ؟ فما ركبك أحد أكرم على
الله منه ، فارفض عرقاً ".
وروي أنه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به وكان بذي طوى
قال : يا جبريل إن قومي لا يصدقوني ، قال : يصدقك أبو بكر وهو
الصديق .
قال
ابن عباس ، وعائشة ، رضي الله عنهم ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما كانت
ليلة أسري بي فأصبحت بمكة فضقت بأمري وعرفت أن الناس مكذبي ، فروي أنه عليه الصلاة
و السلام قعد معتزلاً حزيناً ، فمر به أبو جهل فجلس إليه فقال له كالمستهزئ : هل
استفدت من شيء ؟ قال : نعم إني أسري بي الليلة قال : إلى أين ؟ قال : إلى بيت
المقدس ، قال : ثم أصبحت بين ظهرانينا ، قال : نعم ، فلم ير أبو جهل أنه ينكر ،
مخافة أن يجحده الحديث ، قال : أتحدث قومك ما حدثتني ؟ قال : نعم ، قال أبو جهل : يا معشر بني كعب بن لؤي
هلموا ، قال : فانفضت إليه المجالس فجاؤوا حتى جلسوا إليهما ، قال : فحدث قومك ما
حدثتني قال : نعم إني أسري بي الليلة ، قالوا إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس ،
قالوا : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : نعم ،قال: فمن بين مصفق ، ومن بين واضع يده
على رأسه متعجباً ، وارتد ناس ممن كان آمن به وصدقه ، وسعى رجل من المشركين إلى أبي
بكر فقال : هل لك في صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ، قال : أوقد
قال ذلك ؟ قال : نعم ، قال : لئن كان قال ذلك لقد صدق ، قالوا : وتصدقه أنه ذهب إلى
بيت المقدس في ليلة وجاء قبل أن يصبح ؟ قال : نعم ، إني لأصدقه بما هو أبعد من ذلك
، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة ، فلذلك سمي أبو بكر الصديق
.
قال : وفي القوم من قد أتى المسجد الأقصى ،فقالوا : هل تستطيع أن تنعت لنا
المسجد ؟ قال : نعم ، قال : ذهبت أنعت وأنعت ،فمازلت أنعت حتى التبس علي [ بعض
النعت ] ، قال : فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل فنعت المسجد ،
وأنا أنظر إليه ، فقال القوم : أما النعت فوالله لقد أصاب ، ثم قالوا : يا محمد
أخبرنا عن عيرنا هي أهم إلينا، فهل لقيت منها شيئاً ؟ قال : نعم مررت على عير بني
فلان ،وهي بالروحاء ، وقد أضلوا بعيرا لهم ،وهم في طلبه، وفي رحالهم قدح من ماء
فعطشت فأخذته فشربته ، ثم وضعته كما كان فسلوهم هل وجدوا الماء في القدح حين رجعوا
إليه ؟ قالوا : هذه آية ، قال : ومررت بعير بني فلان ، وفلان وفلان راكبان قعوداً
لهما بذي طوى ، فنفر بعيرهما مني فرمى بفلان ، فانكسرت يده ،فسلوهما عن ذلك ، قالوا
: وهذه آية . قالوا : فأخبرنا عن عيرنا نحن ؟ قال : مررت بها بالتنعيم ، قالوا :
فما عدتها وأحمالها وهيئتها ومن فيها ؟ فقال : نعم ، هيئتها كذا وكذا ، وفيها فلان
وفلان ، يقدمها جمل أورق عليه غرارتان مخيطتان ، تطلع عليكم عند طلوع الشمس ، قالوا
وهذه آية . ثم خرجوا يشتدون نحو الثنية وهم يقولون : والله لقد قص محمد شيئا وبينه
حتى أتوا كدىً ، فجلسوا عليه فجعلوا ينتظرون متى تطلع الشمس فيكذبونه ، إذ قال قائل
منهم : والله هذه الشمس قد طلعت ، وقال آخر : وهذه والله الإبل قد طلعت ، يقدمها
بعير أورق ، فيها فلان وفلان ، كما قال لهم ، فلم يؤمنوا ،
وقالوا ( إن هذا إلا سحر مبين ) .
(
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
(النور :31)
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العلمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمد عبده ورسوله
أما
بعد
ذكر
العلامة صفي الرحمن المباركفوري في
كتاب الرحيق المختوم
قال
وأوجز وأعظم ما
ورد في تعليل هذه الرحلة هو قوله تعالى: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} الإسراء: 1 وهذه سنة الله في الأنبياء، قال: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} الأنعام:75، وقال لموسى عليه السلام:
{لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} طه:23، وقد بين مقصود هذه الإراءة بقوله:
{وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} فبعد استناد
علوم الأنبياء إلى رؤية الآيات يحصل لهم من عين اليقين ما لا يقادر قدره، وليس
الخبر كالمعاينة، فيتحملون في سبيل الله ما لا
يتحمل غيرهم، وتصير جميع قوات الدنيا عندهم كجناح بعوضة لا يعبأون بها إذا ما تدول
عليهم بالمحن والعذاب.
وقد جاء في بعض الطرق أن صدره صلى الله عليه وسلم شق في هذه المرة أيضًا،
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الـرحلة أمورًا عديدة:
منها
عرض عليه اللبن والخمر، فاختار اللبن، فقيل: هديت الفطرة أو أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك. ورأي أربعة أنهار يخرجن من أصل سدرة المنتهى: نهران ظاهران ونهران باطنان، فالظاهران هما: النيل والفرات، عنصرهما. والباطنان: نهران في الجنة. ولعل رؤية النيل والفرات كانت إشارة إلى تمكن الإسلام من هذين القطرين، والله أعلم. ورأى مالكًا خازن النار، وهو لا يضحك، وليس على وجهه بشر ولا بشاشة، وكذلك رأي الجنة والنار. ورأى أكلة أموال اليتامى ظلمًا لهم مشافر كمشافر الإبل، يقذفون في أفواههم قطعًا من نار كالأفهار، فتخرج من أدبارهم. ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن أماكنهم، ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم. ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب، إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون الطيب السمين. ورأى النساء اللاتى يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم، رآهن معلقات بثديهن.
ورأى عيرًا من أهل مكة في الإياب والذهاب، وقد دلهم على بعير نَدَّ لهم،
وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون، ثم ترك الإناء مغطى، وقد صار ذلك دليلًا على
صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء.
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا
وأكرم نزلنا ووسع مدخلنا واغسلنا من خطايانا
بالماء والثلج والبرد
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين
وارفع بفضلك رايتي الحق والدين
وصل
اللهم على سيدنا محمد
وأقم الصلاة
|
تعليقات
إرسال تعليق