بناء المساجد وتعميرها
بناء المساجد وتعميرها
إن الحمد لله
نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا
ومن سيئات
أعمالنا إنه من يهده الله
فلا مضل له
ومن يضلل فلا
هادى له
وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،له المُلك وله
الحمد وهو على كل
شيء قدير ،(اللهم لا مانع
لما أعطيت ، ولا معطى لما منعت ،ولا ينفع ذا الجدِّ منكَ الجدُّ) (1)
وأشهد أن
سيدنا ونبينا وحبيبنا وعظيمنا
محمدا رسول
الله صلى الله عليه وآله
وسلم الذي
قال
(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله
أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر
بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار)
(عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال)(2).
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(3)
بلغ العلا بكماله كشف الدجى بجماله عظمت جميع خصاله
صلوا عليه وآله
اللهم صل على سيدنا محمد وآله في الأولين وصل عليه وآله في
الآخرين
وصل عليه وآله في كل وقت وحين صل اللهم وسلم وبارك عليه وآله الغر
الميامين
وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم
الدين
وارحم اللهم مشايخنا وعلمائنا ووالدينا وأمواتنا وأموات المسلمين
أجمعين
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
(4)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ
)
(5)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً(70)
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
(6)
وبعد:ـ أيها الأخوة الأعزاء
يقول مولانا
سبحانه وتعالى
(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ
إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ
الْمُهْتَدِينَ)(7)
فعمار المسجد
كالمجاهدين في سبيل الله بالمال والنفس فبالمال يشيد البنيان وبالنفس تعمر
المساجد
فعن أبي قرصافة أنه سمع
النبي صلى الله
عليه وسلم يقول ( ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها ، فمن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في
الجنة فقال رجل يا رسول الله وهذه المساجد التي تبنى في الطريق ؟ قال نعم وإخراج القمامة منها مهور الحور العين )(8)
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كتب إلى سلمان : يا أخي
، ليكن المسجد بيتك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول « المسجد بيت كل تقي »(9) ، وقد
ضمن الله لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والراحة ، والجواز إلى الصراط إلى رضوان
الرب .
وعن قتادة رضي الله عنه قال : كان يقال : ما زي المسلم إلا في ثلاث : في مسجد يعمره ، أو بيت يكنه ، أو ابتغاء رزق من فضل ربه .(10)
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الرجل يتعاهد المسجد فاشهدوا له بالإيمان)
فإن الله قال: ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ
مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) (11) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من سمع النداء بالصلاة
ثم لم يجب ويأتي المسجد ويصلي فلا صلاة له وقد عصى الله
ورسوله . قال الله ( إنما يعمر مساجد
الله ) الآية .(12)
والمساجد هي النازل
الباقية في الآخرة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من غدا إلى المسجد أو راح أعدَّ الله له نزلَه من الجنة كلما
غدا أو راح)(13)
والمساجد هي بيوت الله في الأرض
عن عمرو بن ميمون
الأودي قال: أدركت أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم وهم يقولون( إن المساجد بيوت الله في
الأرض، وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها) (14)
وأهل
المساجد بسببهم يرفع الله العذاب عن أهل الأرض
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن الله سبحانه يقول : إني لأهمُّ بأهل الأرض عذاباً ، فإذا
نظرت إلى عُمّار بيوتي ، والمتحابين فيّ ، والمستغفرين بالأسحار ، صرفت عنهم
»(15) .
يقول الله تبارك
وتعالى « إن أحب عبادي إليّ الذين يتحابون فيّ ،
والذين يعمرون مساجدي ، والذين يستغفرون بالأسحار ، أولئك الذين إذا أردت بخلقي
عذاباً ذكرتهم فصرفت عذابي عن خلقي »(16) .
رواد المساجد جلساء الملائكة
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن للمساجد أوتاد ، الملائكة جلساؤهم ، إن غابوا يفتقدونهم ،
وإن مرضوا عادوهم ، وإن كانوا في حاجة أعانوهم ، ثم قال : جليس المسجد على ثلاث
خصال : أخ مستفاد ، أو كلمة محكمة ، أو رحمة منتظرة »(17)
.
اللهم اجعلنا من
رواد المساجد ومن عمارها
(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ)(18)
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العلمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن
سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً
صلى الله
عليه وآله وسلم عبده ورسوله
أما
بعد
أيها الإخوة الأعزاء تعالوا بنا لنرى هذا العمل الصالح في القيام على عمارة
المساجد
عن أبي هريرة رضي الله عنه ) أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد ، ففقدها رسول الله صلى الله
عليه وسلم فسأل عنها بعد أيام فقيل له إنها ماتت قال (فهلا
آذنتموني) ، فأتى قبرها فصلى عليها ودعا لها ثم انصرف) (19)
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال ( من علق قنديلاً في مسجد صلى
عليه سبعون ألف ملك ، واستغفر له ما دام ذلك القنديل يقد » (20).
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من أسرج في مسجد سراجاً لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوؤه )(21)
روى سعيد بن زبان، حدثني أبي عن أبيه عن
جده عن أبي هند قال : حمل تميم الداري معه من الشام إلى المدينة قناديل وزيتا ومقطا ، فلما انتهى إلى المدينة وافق ذلك يوم الجمعة فأمر غلاما
له يقال له أبو البراد فقام فشد المقط وهو بضم الميم وسكون القاف وهو الحبل وعلق
القناديل وصب فيها الماء والزيت وجعل فيها الفتل ، فلما غربت الشمس أسرجها ، فخرج
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد فإذا هو يزهر ، فقال : من فعل هذا ؟ قالوا تميم يا رسول الله ، قال : نورت الإسلام نور الله عليك في الدنيا والآخرة ، أما إنه
لو كانت لي ابنة لزوجتكها ، فقال نوفل بن الحرث بن عبد المطلب : لي ابنة يا رسول
الله تسمى أم المغيرة بنت نوفل ، فافعل فيها ما أردت ، فأنكحه إياها
على المكان (22)
و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إما عادل، وشاب
نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا
عليه ، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل
تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت
عيناه" (23).
اللهم ظلنا بظلك يوم لا ظل إلا ظلك
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن
اهتدى
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا
وأكرم نزلنا ووسع مدخلنا واغسلنا من
خطايانا
بالماء والثلج والبرد
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين
وارفع بفضلك رايتي الحق والدين
وصل اللهم على سيدنا ونبينا وحبيبنا
محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وأقم الصلاة
************
(1)(البخاري)
(2)(متفق عليه)
(3)(الأحزاب56)
(4)(النساء: 1)
(5)(آل عمران102)
(6)(الأحزاب: 71)
(7)(التوبة : 18)
(8)(أخرجه الطبراني في الكبير وأشار المنذري إلى ضعفه
)
(9)(أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبزار وحسنه
والطبراني والبيهقي )
(10)(أخرجه عبد الرزاق والبيهقي )
(11)(أخرجه الترمذي في الإيمان، باب ما جاء في حرمة
الصلاة: 7 / 366، وقال: هذا حديث حسن غريب،)
(12)(أخرجه ابن مردويه )
(13)(أخرجه البخاري في صلاة الجماعة، باب فضل من غدا إلى
المسجد أو راح: 2 /148)
(14)(رواه البيهقي في شعب الإيمان برقم (9052)(عن أبي
إسحاق، )
(15)(أخرجه البيهقي في شعب الإِيمان )
(16)(وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن معمر عن رجل من قريش
يرفع الحديث قال )
(17)(أخرجه أحمد )
(18)(النور:31)
(19)(أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ) ( تقم المسجد: أي
تنظفه)
(20)(أخرجه الطبراني في مسند الشاميين
)
(21)(رواه القرطبي في المجلد السادس صفحة 274)(أخرجه
سليم الرازي في الترغيب )
(22)(وهو ضعيف كما أشار ابن حجر في الإصابة
18/4
وعلته سعيد بن زبان)
(23)(متفق
عليه)
|
تعليقات
إرسال تعليق