(غثاء الألسنة) .
{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17)
(غثاء الألسنة) .قال معاذ: ((يا نبي الله، وإنَّا لَمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثكِلتْكَ أمُّك يا معاذ، وهل يكُبُّ الناس في النار على وجوههم - أو على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم
احفظ لسانك أيها الإنســـــــان *** لا يلدغنَّك إنه ثعبــــــــــــانُ كم في المقابر من قتيل لسانه *** كانت تخاف لقاءه الشجعانُ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده}
والغثاء بالمد والضم: ما يجيء فوق السيل مما يحمله من الزبد والوسخ وغيره.
وغثاء الناس: أراذل الناس وسقطهم.
والغث: هو الرديء من كل شيء.
وغث حديث القوم: فسد وردأ
وما أكثر الكلام الفاسد الذي يدور في مجالس المسلمين، أياً كانوا كباراً أو صغاراً، رجالاً أو نساءً.
إن غثاء الألسنة اليوم ، يصم الآذان، ويصيبك بالغثيان والدوار، وأنت تسمع حديث المجالس اليوم، لا نقول ذلك في مجالس العامة ودهماء الناس فقط، بل -ويا للأسف، وأقولها بكل أسى- حتى في مجالس الصالحين، وفي مجالس المعلمين والمتعلمين.
وفي الكذب والنفاق والغش والخداع.
في الغيبة والنميمة والقيل والقال.
في أعراض الصالحين والمصلحين والدعاة والعلماء، في الوقت الذي سلم فيه الاعداء
والتدليس والتلبيس، وتزييف الحقائق وتقليب الأمور.
في التجريح والهمز واللمز وسوء الظن.
وما هي النتيجة؟! النتيجة بث الوهن والفرقة والخصام والنزاع بين المسلمين، وقطع الطريق على العاملين، وإخماد العزائم بالقيل والقال.
إنك ما إن ترى الرجل حسن المظهر وسيماه الخير، وقد تمسك بالسنة في ظاهره، إلا وتقع الهيبة في قلبك والاحترام والتقدير في نفسك، وما إن يتكلم فيجرح فلاناً ويعرض بعلان، إلا وتنزع المهابة من قلبك ويسقط من عينك، وإن كان حقاً ما يقول.
نعم! وإن كان حقاً ما يقول، فما نستطيع أن نقول إلا: أمسك عليك لسانك.عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن العبد لَيتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزِل بها إلى النار أبعدَ مما بين المشرق والمغرب
ولكن ما هو الهدف اليوم؟! نعوذ بالله من الهوى، والحسد، والنفاق والشقاق ومساوئ الأخلاق.
إلى متى ونحن نجهل أو نتجاهل، أو نغفل أو نتغافل عن خطورة هذا اللسان؟ مهما كان صلاحك، ومهما كانت عبادتك، ومهما كان خيرك، ومهما كان علمك، ومهما كانت نيتك، ومهما كان قصدك.
فرحم الله ابن القيم رحمةً واسعةً، يوم أن قال في الجواب الكافي: (من العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام، والظلم والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم، وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله، لا يلقي لها بالاً يزل بالكلمة الواحدة أبعد مما بين المشرق والمغرب والعياذ بالله. روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يُلقي لها بالًا يرفعه الله بها درجاتٍ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة مِن سخَط الله لا يُلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق