التائبون العابدون
التائبون
العابدون
خطبة جمعة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
له المُلك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ،
(مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ
إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً
)
(النساء : 147)
وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا وعظيمنا
محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي
قال
(إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل
الأَكْلَة فيحمده عليها،
أو يشرب الشَّربة فيحمده
عليها)
( مسلم )
(إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
(الأحزاب56)
بلغ العلا بكماله كشف الدجى بجماله عظمت جميع
خصاله
صلوا عليه وآله
اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصل عليه في
الآخرين
وصل عليه في كل وقت وحين صل اللهم وسلم وبارك
عليه
وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم
بإحسان إلى يوم الدين
وارحم اللهم مشايخنا وعلمائنا ووالدينا وأمواتنا وأموات
المسلمين أجمعين
(يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ
وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
(آل عمران102)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً
سَدِيداً(70)
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
(الأحزاب 71)
وبعد:ـ أيها الأخوة الأعزاء
التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ
الْحَامِدُونَ
(التَّائِبُونَ
الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ)
(
قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما:
هم الصائمون. وقال سفيان بن عيينة: إنما سمي الصائم سائحا
لتركه اللذات كلها
من المطعم
والمشرب والنكاح. وقال عطاء: السائحون الغزاة المجاهدون في سبيل
الله
)
(الرَّاكِعُونَ
السَّاجِدُونَ الاَمِرُونَ)
(بالإيمان، "والناهون عن المنكر" عن الشرك.
وقيل: المعروف
السنة والمنكر البدعة.
)
(
بِالْمَعْرُوفِ
وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ
اللَّهِ)
(القائمون بأوامر الله . وقال الحسن: أهل الوفاء)
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(التوبة:112)
عن حبيب بن أبي ثابت قال : سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن
عباس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( أول من يدعى إلى الجنة يوم القيامة الذين يحمدون الله
في السراء والضراء)
وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
:
( أحب الكلام إلى الله تعالى أربع: لا إله إلا الله،
والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، لا يضرك بأيهن
بدأت)
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ
تَكْبِيرًا)
(الإسراء:111)
وعن عبد الرحمن بن عبد القارئ قال: سمعت عمر بن الخطاب
يقول:
( كان إذا
نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي
النحل،
فمكثنا ساعة- وفي رواية: فنزل عليه يوماً فمكثنا ساعة-
فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال:
( اللهم زدنا ولا
تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا،
وآثرنا ولا تؤثر علينا، وراضنا وارض
عنا، ثم قال:
لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل
الجنة، ثم قرأ
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ
خَاشِعُونَ (2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ
فَاعِلُونَ (4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)وَالَّذِينَ هُمْ للأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ
(8) وَالَّذِينَ
هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ(9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10)الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) (المؤمنون)
وروي أن أسماء بنت عميس رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن
أبي طالب
فدخلت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: هل نزل
فينا شيء من القرآن؟
قلن: لا. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول
الله إن النساء لفي خيبة وخسار،
قال: ومم ذاك؟ قالت: لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر
الرجال، فأنزل الله هذه الآية:
( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ
وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ
وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ
وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)
(إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين
والقانتات)، المطيعين والمطيعات،
(والصادقين)، في إيمانهم وفيما ساءهم وسرهم، (والصادقات والصابرين)، على ما أمر الله به،
(والصابرات والخاشعين)، المتواضعين،(والخاشعات)، وقيل: أراد به الخشوع في الصلاة،
ومن الخشوع أن لا يلتفت، (والمتصدقين)، مما رزقهم الله، (والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم)، عما لا يحل، (والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات)،
قال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيراً حتى
يذكر الله قائماً وقاعداً ومضطجعاً.
وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال:
(قد سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله
كثيراً والذاكرات)
(رواه مسلم)
قال عطاء بن أبي رباح: من فوض أمره إلى الله عز وجل فهو
داخل في قوله
(إن المسلمين والمسلمات)، ومن أقر بأن الله ربه ومحمداً
رسوله، ولم يخالف قلبه لسانه،
فهو داخل في قوله: (والمؤمنين والمؤمنات)، ومن أطاع الله
في الفرض، والرسول في السنة:
فهو داخل في قوله: (والقانتين والقانتات)،
ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل في قوله: (والصادقين
والصادقات)،
ومن صبر على الطاعة، وعن المعصية، وعلى
الرزية:
فهو داخل في قوله: (والصابرين والصابرات)،
ومن صلى ولم يعرف من عن يمينه وعن يساره فهو داخل في قوله:
(والخاشعين والخاشعات)،
ومن تصدق في كل أسبوع بدرهم فهو داخل في قوله:
(والمتصدقين والمتصدقات)،
ومن صام في كل شهر أيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر،
والخامس عشر،
فهو داخل في قوله: (والصائمين والصائمات)،
ومن حفظ فرجه عما لا يحل فهو داخل في قوله:
(والحافظين فروجهم والحافظات)،
ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله:
(والذاكرين الله كثيراً والذاكرات)
( أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما )
اللهم اجعلنا منهم يارب العالمين
(وَتُوبُوا إِلَى
اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ)(النور31)
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العلمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً
صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله
أما بعد
عَنْ أبي هُريْرَةَ رضي اللَّه عنه أَنَّهُ سمِع
النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ :
( إِنَّ ثَلاَثَةً مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ : أَبْرَصَ ،
وأَقْرَعَ ، وأَعْمَى ، أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعث إِلَيْهِمْ
مَلَكاً ،
فأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ أَحبُّ إِلَيْكَ
؟ قَالَ : لَوْنٌ حسنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ ،
ويُذْهَبُ عنِّي الَّذي قَدْ قَذَرنِي النَّاسُ ،
فَمَسَحهُ فذَهَب عنهُ قذرهُ وَأُعْطِيَ لَوْناً حَسناً . قَالَ
:
فَأَيُّ الْمالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قال : الإِبلُ
أَوْ قَالَ الْبَقَرُ شَكَّ الرَّاوِي فأُعْطِيَ نَاقَةً عُشرَاءَ ،
فَقَالَ : بارَك اللَّهُ لَكَ فِيها .
فأَتَى الأَقْرعَ فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ أَحب إِلَيْكَ ؟
قال : شَعْرٌ حسنٌ ، ويذْهبُ عنِّي هَذَا الَّذي قَذِرَني النَّاسُ ، فَمسحهُ عنْهُ
. أُعْطِيَ شَعراً حسناً . قال فَأَيُّ الْمَالِ . أَحبُّ إِلَيْكَ ؟ قال :
الْبَقرُ ، فأُعِطيَ بقرةً حامِلاً ، وقَالَ : بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا
.
فَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ
إِلَيْكَ ؟ قال : أَنْ يرُدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَري فَأُبْصِرَ النَّاسَ
فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بصَرَهُ . قال : فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ
إِليْكَ ؟ قال : الْغنمُ فَأُعْطِيَ شَاةً والِداً فَأَنْتجَ هذَانِ وَولَّدَ هَذا
، فكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الإِبِلِ ، ولَهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ ، وَلَهَذَا
وَادٍ مِنَ الْغَنَم .
ثُمَّ إِنَّهُ أتَى الأْبرص في صورَتِهِ وَهَيْئتِهِ ،
فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكينٌ قدِ انقَطعتْ بِيَ الْحِبَالُ في سَفَرِي ، فَلا بَلاغَ
لِيَ الْيَوْمَ إِلاَّ باللَّهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أَعْطَاكَ
اللَّوْنَ الْحَسَنَ ، والْجِلْدَ الْحَسَنَ ، والْمَالَ ، بَعيِراً أَتبلَّغُ بِهِ
في سفَرِي ، فقالَ : الحقُوقُ كَثِيرةٌ . فقال : كَأَنِّي أَعْرفُكُ أَلَمْ تَكُنْ
أَبْرصَ يَقْذُرُكَ النَّاسُ ، فَقيراً ، فَأَعْطَاكَ اللَّهُ ، فقالَ : إِنَّما
وَرثْتُ هَذا المالَ كَابراً عَنْ كابِرٍ ، فقالَ : إِنْ كُنْتَ كَاذِباً
فَصَيَّركَ اللَّهُ إِلى مَا كُنْتَ .
وأَتَى الأَقْرَع في صورتهِ وهيئَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ
مِـثْلَ ما قَالَ لهذَا ، وَرَدَّ عَلَيْه مِثْلَ مَاردَّ هَذَّا ، فَقَالَ : إِنْ
كُنْتَ كَاذِباً فَصَيّرَكَ اللهُ إِليَ مَاكُنْتَ .
وأَتَى الأَعْمَى في صُورتِهِ وهَيْئَتِهِ ، فقالَ : رَجُلٌ مِسْكينٌ وابْنُ
سَبِيلٍ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ في سَفَرِي ، فَلا بَلاغَ لِيَ اليَوْمَ
إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بالَّذي رَدَّ عَلَيْكَ بصرَكَ شَاةً
أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفَرِي ؟ فقالَ : قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ
إِلَيَّ بَصري ، فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدعْ مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ ما أَجْهَدُكَ
الْيَوْمَ بِشْيءٍ أَخَذْتَهُ للَّهِ عزَّ وجلَّ . فقالَ : أَمْسِكْ مالَكَ
فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ فَقَدْ رضيَ اللَّهُ عنك ، وَسَخَطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ
» متفقٌ عليه .
«
وَالنَّاقةُ الْعُشَرَاءُ » بِضم العينِ
وبالمدِّ : هِيَ الحامِلُ . قولُهُ : « أَنْتجَ
» وفي روايةٍ : «فَنَتَجَ » معْنَاهُ :
تَوَلَّى نِتَاجَهَا ، والنَّاتجُ للنَّاقةِ كالْقَابِلَةِ لَلْمَرْأَةِ . وقولُهُ:
« ولَّدَ هَذا » هُوَ بِتشْدِيدِ اللام : أَيْ
: تَولَّى وِلادَتهَا ، وهُوَ بمَعْنَى نَتَجَ في النَّاقَةِ . فالمْوَلِّدُ ،
والناتجُ ، والقَابِلَةُ بمَعْنى ، لَكِنْ هَذا للْحَيَوانِ وذاكَ لِغَيْرِهِ .
وقولُهُ : « انْقَطَعَتْ بِي الحِبالُ » هُوَ
بالحاءِ المهملة والباءِ الموحدة : أَي الأَسْبَاب . وقولُه : « لا أَجهَدُكَ » معناهُ : لا أَشَقُّ عليْك في رَدِّ
شَيْءٍ تَأْخُذُهُ أَوْ تَطْلُبُهُ مِنْ مَالِي . وفي رواية البخاري : « لا أَحْمَدُكَ » بالحاءِ المهملة والميمِ ،
ومعناهُ : لا أَحْمَدُكَ بِتَرْك شَيْءٍ تَحتاجُ إِلَيْهِ ، كما قالُوا : لَيْسَ
عَلَى طُولِ الحياةِ نَدَمٌ أَيْ عَلَى فَوَاتِ طُولِهَا
.
مضى أمسُك الماضي شهيدًا مُعَدَّلا ***
وأعقبه يومٌ عليك جديدُ
فإن كنتَ بالأمسِ اقترفتَ إسـاءةً*** فَثَنِّ بإحسانٍ وأنتَ حميدُ
فإن كنتَ بالأمسِ اقترفتَ إسـاءةً*** فَثَنِّ بإحسانٍ وأنتَ حميدُ
ويروى أن رجلا
ابتلاه الله بالعمى وقطع اليدين والرجلين، فدخل عليه أحد الناس فوجده يشكر الله على
نعمه، ويقول: الحمد الله الذي عافاني مما ابتلى به غيري، وفضَّلني على كثير ممن خلق
تفضيلا، فتعجب الرجل من قول هذا الأعمى مقطوع اليدين والرجلين، وسأله: على أي شيء
تحمد الله وتشكره؟
فقال له: يا هذا، أَشْكُرُ الله أن وهبني لسانًا ذاكرًا، وقلبًا خاشعًا وبدنًا على البلاء صابرًا.
فقال له: يا هذا، أَشْكُرُ الله أن وهبني لسانًا ذاكرًا، وقلبًا خاشعًا وبدنًا على البلاء صابرًا.
كان الشكر خلقًا لازمًا
لأنبياء الله -صلوات الله عليهم-، يقول الله -تعالى- عن إبراهيم -عليه السلام-:
{إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين.
شاكرًا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم}.
[النحل: 120-121].
ووصف الله -عز وجل- نوحًا -عليه السلام- بأنه شاكر، فقال: {ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدًا شكورًا} [الإسراء: 3]. وقال الله تعالى عن سليمان -عليه السلام-: {قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم} [النمل: 40].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الشكر لربه، وقد علَّمنا أن نقول بعد كل صلاة: (اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)
[أبو داود والنسائي].
وتحكي السيدة عائشة -رضي الله عنها- أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل، ويصلي لله رب العالمين حتى تتشقق قدماه من طول الصلاة والقيام؛ فتقول له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فيرد عليها النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: (أفلا أكون عبدًا شَكُورًا)
[متفق عليه].
[النحل: 120-121].
ووصف الله -عز وجل- نوحًا -عليه السلام- بأنه شاكر، فقال: {ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدًا شكورًا} [الإسراء: 3]. وقال الله تعالى عن سليمان -عليه السلام-: {قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم} [النمل: 40].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الشكر لربه، وقد علَّمنا أن نقول بعد كل صلاة: (اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)
[أبو داود والنسائي].
وتحكي السيدة عائشة -رضي الله عنها- أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل، ويصلي لله رب العالمين حتى تتشقق قدماه من طول الصلاة والقيام؛ فتقول له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فيرد عليها النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: (أفلا أكون عبدًا شَكُورًا)
[متفق عليه].
وفى الأثر أن نبي الله عيسى كان يسير
في طريق فلقيه رجل فقال له أسألك الصحبة يا روح الله. فأذن له، وكان مع عيسى عليه
السلام ثلاثة أرغفة. فأعطاه رغيفا وأخذ رغيفا وأبقى الثالث للحاجة. ثم ذهب عيسى
لقضاء حاجة ورجع فلم يجد الرغيف الثالث فسأل صاحبه أين الرغيف ؟ فقال الرجل : لا
أدرى. ثم سارا فوجد عيسى ظبيًا (نوع من أنواع الغزلان ) فدعاه فذبحه وشواه وأكلاه
ثم قال له : قم بأمر الله، فقام الظبي يجرى فقال عيسى : بالذي أراك هذه الآية من
صاحب الرغيف الثالث ؟ فقال الرجل : لا أدرى
ثم مر عيسى بجبل فقال : كن ذهبا بإذن الله فكان ذهبا فقال عيسى بالذي أراك هذه الآية من صاحب الرغيف الثالث ؟ فقال الرجل لا أدرى.
فقال عيسى : إذًا نقسم الجبل ثلاثا : ثلث لي وثلث لك وثلث لصاحب الرغيف الثالث. فقال الرجل أنا صاحب الرغيف الثالث.
فقال له عيسى : خذ الجبل كله ولكن لا تصحبنا (فخسر الرجل صحبة نبي الله) ثم طلع على الرجل قَاطِعَا طريقٍ فأرادا قتله فقال لهما لا تفعلا ولنقسم الجبل، ثم ذهب أحدهم ليأتي لهم بطعام وأضمر في نفسه أن يَسُمَّهما. وكذلك اجتمعا على قتله حين يرجع بالطعام. فلما رجع وثبا عليه فقتلاه ثم أكلا الطعام فماتا. فمر عيسى وحَوَارِيُّوه على هؤلاء الثلاثة فقال لهم عيسى : هذه الدنيا فاحذروها.
ثم مر عيسى بجبل فقال : كن ذهبا بإذن الله فكان ذهبا فقال عيسى بالذي أراك هذه الآية من صاحب الرغيف الثالث ؟ فقال الرجل لا أدرى.
فقال عيسى : إذًا نقسم الجبل ثلاثا : ثلث لي وثلث لك وثلث لصاحب الرغيف الثالث. فقال الرجل أنا صاحب الرغيف الثالث.
فقال له عيسى : خذ الجبل كله ولكن لا تصحبنا (فخسر الرجل صحبة نبي الله) ثم طلع على الرجل قَاطِعَا طريقٍ فأرادا قتله فقال لهما لا تفعلا ولنقسم الجبل، ثم ذهب أحدهم ليأتي لهم بطعام وأضمر في نفسه أن يَسُمَّهما. وكذلك اجتمعا على قتله حين يرجع بالطعام. فلما رجع وثبا عليه فقتلاه ثم أكلا الطعام فماتا. فمر عيسى وحَوَارِيُّوه على هؤلاء الثلاثة فقال لهم عيسى : هذه الدنيا فاحذروها.
رأيت الناس قد مالوا *** إلى من عنده
مال
و من لا عنده مال *** فعنه الناس قد مالوا
رأيت الناس قد ذهبوا *** إلى من عنده ذهب
و من لا عنده ذهب *** فعنه الناس قد ذهب
رأيت الناس منفضة *** إلى من عنده فضة
و من لا عنده فضة *** فعنه الناس منفضة
و من لا عنده مال *** فعنه الناس قد مالوا
رأيت الناس قد ذهبوا *** إلى من عنده ذهب
و من لا عنده ذهب *** فعنه الناس قد ذهب
رأيت الناس منفضة *** إلى من عنده فضة
و من لا عنده فضة *** فعنه الناس منفضة
{لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} [إبراهيم: 7].
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن
اهتدى
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا
وأكرم نزلنا ووسع مدخلنا واغسلنا من
خطايانا
بالماء والثلج والبرد
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين
وارفع بفضلك رايتي الحق والدين
وصل اللهم على سيدنا ونبينا وحبيبنا
محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وأقم الصلاة
تعليقات
إرسال تعليق