الاثنين، 14 ديسمبر 2015

الحب الحقيقي



الحب الحقيقي
أن يحب الشيء لذاته وهذا هو
الحب في الله:
عليك بالحب في الله والحب لله.. وأن تحب الناس في الله، فعندما تقول لشخص: إنك تحبه في الله فما أجمل تلك العبارة،
والله - عز وجل - وعد المتحابين في الله بمحبته، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله تبارك وتعالى:) وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ(.
فالحب في الله ولله.. هو الحب الحقيقي
قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ (، قَالَ: ) فَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ المَحَبَّةُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) (مريم: 96)
أن تقول لاخيك إني أحبك في الله.. ويقول لك : وأنا أحبك في الله.. وهناك تشعر بالحب فعلاً.. بالحب الحقيقي.. تشعر بالحب الرائع الجميل لله - سبحانه وتعالى -.. تشعر بدفء في كل جزء من أجزاء جسمك.. تشعر بسلام داخلي وخارجي، وتشعر بأمان وضمان داخلي، وتشعر بالحب الحقيقي بحب الله - سبحانه وتعالى )
إنَّ مجنون ليلى قتلهُ حبُّ امرأةٍ، وقارون حبُّ مالٍ، وفرعون حبُّ منصبٍ، وقُتل حمزةُ وجعفرُ وحنظلةُ حبّاً لله ولرسوله، فيا لبُعْدِ ما بين الفريقين.
إذا كان حُبُّ الهائِمين من الورى ... بليلى وسلمى يسلُبُ اللُّبَّ والعقْلا
فماذا عسى أن يفعل الهائِمُ الذي ... سَرَى قلبُه شوقاً على العالمِ الأعلى
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: )وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ، إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ(
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: )إِنَّ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ(
فَأهل سرُور الْآخِرَة اهل الْجنَّة وَإِن افضل سرورهم النّظر إِلَى الله وَأَن افضل سرُور الْمُؤمن فِي الدُّنْيَا سروره بربه وَبِأَنَّهُ عَبده وتصديق ذَلِك انه بمراقبته ومناجاته وَبِكُل مَا يعْمل لَهُ وعلامة انسه بِعَمَلِهِ وجود حلاوة الْعَمَل لَهُ وَشدَّة الْحبّ لخدمته




السبت، 12 ديسمبر 2015

بابُ ما يقولُ إذا فَرَغَ من الطَّعامِ


بابُ ما يقولُ إذا فَرَغَ من الطَّعامِ
عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ إِلَى سعد بن عبَادَة فجَاء بِخبْز وزيت فَأكل ثمَّ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أفطر عنْدكُمْ الصائمون وَأكل طَعَامكُمْ الْأَبْرَار وصلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة)
وعن أبي أُمامةَ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال: ( الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً طَيِّباً مُبارَكاً فِيهِ غَيْرَ مَكْفيٍّ وَلا مُوَدَّعٍ وَلا مُسْتَغْنىً عَنْهُ رَبَّنا ( وفي رواية ) كان إذا فَرَغَ من طعامِه ( وقال مرّة ) إذا رفع مائدته قال: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفانا وأرْوَانا غَيْرَ مَكْفِيّ ولا مَكْفُورٍ ).
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إنَّ اللَّهَ تعالى لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ يأكُلُ الأكْلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْها، ويَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْها ).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا فَرَغ من طعامه قال: ( الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي أطْعَمَنَا وَسَقانا وَجَعَلَنا مُسْلِمِينَ )
وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكَلَ أو شَرِبَ قال: ( الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي أطْعَمَ وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجاً ).
وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ) مَنْ أكَلَ طَعاماً فَقالَ: ( الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )
وعن عبد الرحمن بن جُبير التابعي، أنه حدَّثه رجلٌ خدمَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ثماني سنين أنه كان يسمعُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا قَرَّبَ إليه طعام يقول: ( بسم اللَّهِ، فإذا فَرغَ من طعامه قال: (اللَّهُمَّ أطْعَمْتَ وَسَقَيْتَ، وَأغْنَيْتَ وأقْنَيْتَ، وَهَدَيْتَ وأحييت، فَلَكَ الحَمْدُ على ما أعطيت ).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقول في الطعام إذا فرغَ: ( الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي مَنَّ عَلَيْنا وَهَدَانا، وَالَّذي أشْبَعَنا وَأرْوَانا، وكُلَّ الإِحْسانِ آتانا )
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ) ( إذَا أكَلَ أحَدُكُمْ طَعاماً ) وفي رواية ابن السني ( مَنْ أطْعَمَهُ اللَّهُ طَعاماً فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ بارِكْ لَنا فِيهِ وأطْعِمْنا خَيْراً مِنْهُ، وَمَنْ سَقاهُ اللَّهُ تعالى لَبَناً فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ بارِكْ لَنا فِيهِ وَزِدْنا مِنْهُ، فإنَّهُ ليس شئ يجزئ منَ الطَّعامِ وَالشَّرَابِ غَيْرَ اللَّبَنِ )  
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب في الإِناء ( تنفَّسَ ثلاثة أنفاسٍ يحمد الله تعالى في كل نفس، ويشكرُه في آخره )

(بابُ دعاءِ المدعوّ والضيفَ لأهلِ الطَّعامِ إذا فَرَغَ من أكلهِ)
نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي، فقرّبنا إليه طعاماً ووَطْبَةً فأكل منها، ثم أُتي بشرابٍ
فشربَه، ثم ناولَه الذي عن يمينه، فقال أبي: ادعُ اللَّهَ لنا، فقال: ( اللَّهُمَّ بارِكْ لَهُمْ فِيما رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ ).
وعن أنس رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه، فجاء بخبزٍ وزيْتٍ  فأكل، ثم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ( أفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وأكَلَ طَعَامَكُمُ الأبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلاَئِكَةُ ).
وعن جابر رضي الله عنه قال: ( صنعَ أبو الهيثم بن التَّيِّهَان للنبيّ صلى الله عليه وسلم طعاماً، فدعا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابَه، فلما فرغوا، قال: ( أثِيبُوا أخاكُمْ، قالوا: يا رسول الله وما إثابته؟ قال: ( إنَّ الرَّجُلَ إذَا دُخلَ بَيْتُهُ فأُكِلَ طَعامُهُ وَشُرِبَ شَرَابُهُ فَدَعَوْا لَهُ فَذَلِكَ إثابَتُهُ )  .
(بابُ دُعاءِ الإِنسانَ لمن سَقَاهُ ماءً أو لبناً ونحوهما)
وعن المقداد رضي الله عنه في حديثه الطويل المشهور قال: ) فرفعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم رأسَه إلى السماء، فقال: ( اللَّهُمَّ أطْعِمْ مَنْ أطْعَمَنِي، وَاسْقِ مَنْ سَقانِي ).
وعن عمرو بن الحَمِقِ  رضيَ الله عنه أنه سقى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَبَناً فقال: ( اللَّهُمَّ أمْتِعْهُ بِشَبابِه )، فمرّتْ عليه ثمانون سنةً لم يرَ شعرةً بيضاء )



الجمعة، 11 ديسمبر 2015

حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ


حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
دعاءٌ قاله إبراهيم – عليه السلام - ؛ فجعل اللهُ النارَ برداَ و سلاماً عليه .
 
( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) دعاءٌ قاله المسلمون يوم أُحد
( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ )
و ثبتهم اللهُ رغم الجِراح ( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
دعاءٌ قالتــْه أمنا عائشة رضي الله عنها
 ( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
يوم ركبت على ظهر دابة صفوان بن المعطّل فنزلتْ فيها آيات البراءة و الطـُهر .
يقول ابن القيــّـم – رحمه الله
( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قال النبي صلى الله عليه و سلّم :
إن الله يلومُ على العجز ، و لكن عليك بالكيس فإذا غلبكَ أمر فقل
( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
و إذا أُبتليت فقل ( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) وإذا ضاقت بك السُبل و بارت الحيل و لم تجد من الناس أنيساً و لا مؤنساً فقل( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
و إذا كنتَ بريئاً و عجزتَ عن إظهارالحقيقة فقل ( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
و إذا أجتمع القومُ ليؤذوك فقل ( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
و إذا أُغلق عليك في أمر فقل ( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
وإذا تعسرت الأمور فقل ( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
إذا أُرتجَ عليك و ضاق فُهمك و تعسّر إدراكك فقل ( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
فبها يدفع الله عنك الأذيــّـة و يزيح الكُربة و يــُـستجلب الرِزق و ينزل الفــَـرج
فالحمدلله الذي شرع لنا في ديننا مثل هذه الكلمات القليلة التي تُرتجى منها
أمورٌ عظيمة فالحمد لله وله الشكر وبنعمته تتم الصالحات
فإحذر ان تقال لك من شخص تسببت فى إذيته بخطأ غير مقصود
( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
كلمة عظيمة تحي عظيم المعاني 
ما معنى ( حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) الْحَسْب : هو الكافي . قال القرطبي في تفسيره : قوله تعالى : (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، أي : كافينا الله . وحَسْب مأخوذ مِن الإحساب ، وهو الكفاية . اهـ . فالذي يقول : حسبنا الله ، يقول : إن الله كافينا . ويجب أن يعتقد معنى هذه الكلمة ، فيعتقد أن الله كَافِيه كل ما أهمّه . وقول : نِعْم الوكيل ، أي : نِعْم الْحَفِيظ. وهي تُقال عند خوف أمْر ،
قال القرطبي : قال علماؤنا : لَمَّا فَوَّضَوا أمُورهم إليه واعْتَمَدُوا بِقُلُوبِهم عليه أعطاهم مِن الجزاء أربعة مَعَانٍ : النعمة ، والفضل ، وصرف السوء ، واتِّباع الرضا ، فَرَضَّاهم عنه ورِضِي عنهم .
ويقول القائل
عجبتُ لأربع يغفلون عن أربع:
عجبتُ لمن ابتُـلي بغمّ، كيف يغفل عن قول:
(لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87))
والله يقول بعدها:
(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88))
 وعجبتُ لمن ابتُـلي بضرّ، كيف يغفل عن قول:

(أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)).
والله يقول بعدها:
(فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ)
 وعجبتُ لمن ابتُـلي بخوفٍ، كيف يغفل عن قول:

(حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)).
والله يقول بعدها:
(فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)
وعجبتُ لمن ابتُـلي بمكرِ الناس، كيف يغفل عن قول:
(وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)
والله يقول بعدها:
(فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا)




الخميس، 10 ديسمبر 2015

تحقيق الأمن والأستقرار



تحقيق الأمن والأستقرار
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )( البقرة 126)
أن الدنيا إذا طلبت ليتقوى بها على الدين ، كان ذلك من أعظم أركان الدين ، فإذا كان البلد آمنا وحصل فيه الخصب تفرغ أهله لطاعة الله تعالى ، وإذا كان البلد على ضد ذلك كانوا على ضد ذلك وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ) مكة )، نزلت في الحرث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف ، وذلك أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إنا لنعلم أن الذي تقول حق ، ولكنا إن اتبعناك على دينك خفنا أن تخرجنا العرب من أرضنا مكة . وهو معنى قوله : ( نتخطف من أرضنا ) ، والاختطاف : الانتزاع بسرعة . قال الله تعالى : ( أولم نمكن لهم حرما آمنا ) وذلك أن العرب في الجاهلية كانت تغير بعضهم على بعض ، ويقتل بعضهم بعضا ، وأهل مكة آمنون حيث كانوا ، لحرمة الحرم ، ومن المعروف أنه كان يأمن فيه الظباء من الذئاب والحمام من الحدأة ،
ولا ريب أن هناك حالات يفرض فيها على العاقل الابتعاد عن الناس, سواء أكان ذلك لأسباب عامة، أم كان لدواع شخصية، وذلك ما يحدث -مثلًا- في فترات الاضطراب الاجتماعي. والواقع أنه عندما يسيطر الغموض والبلبلة سيطرة شاملة على العقول، فإن الصلة بالبيئة تدفع كل فرد، إلى أن ينتحي جانبًا، دون أن يملك لذلك دفعًا، وهذا الاتجاه المحتوم إلى تمزيق الأمة ينتهي غالبًا إلى الحرب الأهلية وهو ما أوصانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نتجنب مغامراته، وأن نلوذ منه بالفرار في أي مكان، فقال فيما روي عن أبي هريرة: "ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد فيها ملجأ أو معاذًا فليعذ به
قَدْ بَلَوْتُ النَّاسَ حَتَّى ... لَمْ أَجِدْ شَخْصًا أَمِينَا
وَانْتَهَتْ حَالِي إِلى أَن ... صِرْتُ في البَيْتِ حَزِينَا
أَمْدَحُ الوَحْدَةَ حِينًا ... وَأَذُّمُ الْجَمْعَ حِينَا
إِنَّمَا السَّالِمُ مَنْ لَمْ ... يَتَّخِذْ خَلْقًا قَرِينَا

وَفِي الْحَدِيثِ الذي رَوَاهُ التِّرْمِذِي وَغَيْرُه عَنْ عَلَيَّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -
قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – (إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنٌ). قُلْتُ: فمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لاَ تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسُنُ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ وَلاَ تَشْبَعُ مِنْهُ العُلَماءُ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)
وكما كان البعد عن شرع الله سببًا للعداوة والبغضاء بين الناس، فإن التقرب من الله عز وجل سبب لإلقاء الحب في قلوب الناس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ولا بد له منه ) .
هنيئًا محبة الله
التأليف بين قلوب المسلمين يعد من أعظم النعم التي امتن الله بها على أهل الإسلام، إذ به تجتمع الكلمة ويتوحد الصف ويتماسك بنيان المجتمع أمام عوادي الزمن وفي الأزمات، وكل من سعى إلى تحقيق ذلك والدعوة إليه فقد ذكَّر بالنعمة التي ذكَرَها الله في قوله:
(وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إذ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا).
ومن آداب الإسلام العظيمة، ومقاصده النبيلة، الحثُّ على التآلف، والتحابِّ، والمودة، ورتَّب الأجر الجزيل على من اتبع تعاليمه، وإرشاداته، ومن أعظم ما يُدخل الألفة والمحبَّة والمودة، إفشاء السلام، وهو نشره بين الناس؛ لإحياء سنته صلى الله عليه وسلم.
ويثمر حب الله للعبد حب الناس له أيضًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانًا فأحبه قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانًا فأحبوه فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانًا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه. قال: فيبغضونه. ثم يوضع له البغضاء في الأرض ) .
وكان هرم بن حيان يقول: ( ما أقبل أحد بقلبه على الله تعالى إلا أقبل الله تعالى بقلوب أهل الإيمان إليه حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم )
ومن النعم التي أنعم الله تعالى بها على عباده المؤمنين؛ نعمة التآلف بين قلوبهم، قال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا). وهذه النعمة لا تقدر قيمتها بمال، فالتآلف بين القلوب يعادل بل يفوق كنوز الأرض جميعًا: (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) [ الأنفال: 63]
ولبيان أهمية الحب والألفة -والتي قد تسبق أهمية الغذاء والرزق- كانت دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ).
وتدلنا الآيات الكريمة على أن ندعو المولى ألا يجعل في قلوبنا غلاًّ للذين أمنوا: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)
الحب والإيمان
الحب والمودة هدية من مقلب القلوب
وتوجد علاقة وطيدة بين الإيمان والحب؛ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا.. ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) .
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْصِنٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)
كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدا لأول منزل
ولبعض شيوخنا في هذا المعنى:
فحي على جنات عدن فإنها ... منازلك الأولى وفيهم المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلم
وقد زعموا أن الغريب إذا نأى ... وشطت به أوطانه فهو مغرم
فأي اغتراب فوق غربتنا التي ... لها أضحت الأعداء فينا تحكم
(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ )


أبو سفيان والاخنش وأبو سفيان

( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) وقيل : لما رأى المشركون اجتهاده في العبادة قالوا ما أنزل عليك القرآن يا محمد إلا لشقائك ، فنزلت ( ما أنزلن...