(ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) وقيل : لما رأى المشركون اجتهاده في العبادة قالوا ما أنزل عليك القرآن يا محمد إلا لشقائك ، فنزلت ( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) أي لتتعنى وتتعب ، وأصل الشقاء في اللغة العناء
ذكرَ محمدُ بنُ إسحاق، عن الزهري، في قصةِ أبي جهلٍ حين جاءَ يستمعُ قراءةَ النبيِّ ﷺ من الليلِ، هو وأبو سفيانَ صخرُ بنُ حربٍ، والأخنسُ بنُ شريقٍ، ولا يشعرُ واحدٌ منهم بالآخرِ. فاستمعوها إلى الصباحِ، فلمّا هجمَ الصبحُ تفرقوا، فجمعتهم الطريقُ، فقالَ كلٌّ منهم للآخرِ: ما جاءَ بك؟ فذكرَ له ما جاءَ له ثم تعاهدوا ألّا يعودوا، لما يخافون من علمِ شبابِ قريشٍ بهم، لئلّا يفتتنوا بمجيئِهم. فلمّا كانت الليلةُ الثانيةُ جاءَ كلٌّ منهم ظنًّا أنّ صاحبَيه لا يجيئان، لما تقدمَ من العهودِ، فلمّا أجمعوا جمعتهم الطريقُ، فتلاوموا، ثم تعاهدوا ألّا يعودوا. فلمّا كانت الليلةُ الثالثةُ جاؤوا أيضًا، فلمّا أصبحوا تعاهدوا ألّا يعودوا لمثلها، ثم تفرقوا. فلمّا أصبحَ الأخنسُ بنُ شريقٍ أخذَ عصاهُ، ثم خرجَ حتى أتى أبا سفيانَ بنَ حربٍ في بيتِه، فقالَ: أخبرني يا أبا حنظلةَ عن رأيكَ فيما سمعتَ من محمدٍ؟ قال: يا أبا ثعلبةَ، واللهِ لقد سمعتُ أشياءَ أعرفها وأعرفُ ما يرادُ بها، وسمعتُ أشياءَ ما عرفتُ معناها ولا ما يرادُ بها. قالَ الأخنسُ: وأنا، والذي حلفتَ به. ثم خرجَ من عندِه حتى أتى أبا جهلٍ، فدخلَ عليه في بيتِه فقالَ: يا أبا الحكم، ما رأيكَ فيما سمعتَ من محمدٍ؟ قالَ: ماذا سمعت؟ تنازعنا نحن وبنو عبدِ منافٍ الشرفَ: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركبِ، وكنا كفرسي رهانٍ، قالوا: منّا نبيٌّ يأتيه الوحيُ من السماءِ! فمتى ندركُ هذه؟ واللهِ لا نؤمنُ به أبدًا ولا نصدقهُ. فخلا الأخنسُ بأبي جهلٍ فقالَ: يا أبا الحكم، أخبرني عن محمدٍ: أصادقٌ هو أم كاذبٌ؟ فإنّه ليسَ هاهنا من قريشٍ غيري وغيركَ يسمعُ كلامنا. فقالَ أبو جهلٍ: ويحكَ! واللهِ إنّ محمدًا لصادقٌ، وما كذبَ محمدٌ قط، ولكن إذا ذهبتْ بنو قصيّ باللواءِ والسقايةِ والحجابِ والنبوةِ، فماذا يكونُ لسائرِ قريشٍ؟ فذلك قولهُ تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (الأنعام: 33). (تفسير ابن كثير)
والأخنس بن شريق:
أقبل الى النبي (صلى اللّه عليه وسلم) في المدينة وأعلن اسلامه، وقال: انما جئت أريد الاسلام والله يعلم أني لصادق، ثم خرج من عند النبي (صلى اللّه عليه وسلم) فمر بزرع وحمر لبعض المسلمين، فأحرق الزرع، وعقر الحمر، فانزل الله تعالى فيه الآية 204 من سورة البقرة: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ
وكذلك نزلت فيه الآية 205 من نفس السورة: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ
وهي تجري بهم في موج كالجبال
نوح قال لابنه اركب معنا فابى فكان من المغرقين
وابراهيم قال افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصبر فصار من النبيين
في موج والسفينه تجري على الموت لان الماء من فوق ومن تحت لانه قال اني مغلوب فانتصر التوكل على الله لا على الخلق
انا لله عبادا فطن طلقوا الدنيا وخافوا الفتن نظروا فيها فلما علموا انها ليست لحي وطنا جعلوها لجه واتخذوا صالح الاعمال فيها سفن